بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . أما بعد :
يقول الله تعالى في سورة المائدة : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) أكمل الله تعالى الدين في زمان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودين الله تعالى الذي نطلبه هو القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها وحي من عند الله تعالى ؛ فكل ما قاله أو فعله أو أقره النبي عليه الصلاة والسلام فهو دين يتبع ، وكل طريقة في الدين مخترعة لا أصل لها في كتاب الله أو سنة رسول الله فهي بدعة ضلالة ، وقد حذرنا الشرع من البدع أشد التحذير ، فإنه ما من خير إلا وقد دلنا عليه الدين وما من شر وضلال إلا وقد حذرنا منه الدين ، فالله المشرع وهو أعلم بمصالح العباد من أنفسهم ، فلا استقلال للعقول باستجلاب مصالحها أو دفع مفاسدها ، فالشرع أدرى بمصالح العباد ، ودين الله كامل لا يحتمل الزيادة ولا النقصان .
روى الإمامان البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) . وفي رواية لمسلم : (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) .
فالبدعة مردودة على صاحبها غير مقبولة ؛ قال الإمام النووي رحمه الله تعالى : قوله صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) أي : مردود ، فيه دليل أن العبادات - من الغسل والوضوء والصوم والصلاة - إذا فعلت على خلاف الشرع تكون مردودة على فاعلها ... ، وفيه دليل على أن من ابتدع في الدين بدعة لا توافق الشرع فإثمها عليه وعمله مردود وأنه يستحق الوعيد ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله )) انتهى كلامه رحمه الله تعالى . الحديث ثبت في الصححين .
وقال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى : قال أهل اللغة : الرد هنا بمعنى المردود ؛ فهو باطل غير معتد به . انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
وقال الإمام ابن السعدي رحمه الله تعالى : فإن قوله صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث في أمرنا هذا - أو من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) فيدل بالمنطوق وبالمفهوم .
أما منطوقه : فإنه يدل على أن كل بدعة أحدثت في الدين ليس لها أصل في الكتاب ولا في السنة ، سواء كانت من البدع القولية الكلامية ، كالتجهم والرفض والاعتزال وغيرها ، أو من البدع العملية كالتعبد لله بعبادات لم يشرعها الله ولا رسوله ، فإن ذلك كله مردود على أصحابه ، وأهله مذمومون بحسب بدعهم وبُعدها عن الدين ، فمن أخبر بغير ما أخبر الله به ورسوله ، أو تعبد بشيء لم يأذن الله به ورسوله ولم يشرعه : فهو مبتدع ، ومن حرّم المباحات ، أو تعبد بغير الشرعيات : فهو مبتدع .
وأما مفهوم هذا الحديث : فإن من عمل عملاً ، عليه أمر الله ورسوله - وهو التعبد لله بالعقائد الصحيحة ، والأعمال الصالحة ، من واجب ومستحب - فعمله مقبول ، وسعيه مشكور . ويستدل بهذا الحديث على أن كل عبادة فُعلت على وجه منهي عنه فإنها فاسدة ، لأنه ليس عليها أمر الشارع ، وأن النهي يقتضي الفساد ، وكل معاملة نهى الشارع عنها فإنها لاغية لا يعتد بها . انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
قلت : والدين إنما يكون بإذن الله ، قال جل وعلا : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) فالدين إنما يكون بإذن الله لا باستحسان العقول والآراء التي لا برهان عليها من القرآن أو السنة ، وصاحب البدعة ليس له من بدعته إلا التعب وإضاعة الوقت بها كالصائم الذي ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ، والقائم الذي ليس له من قيامه إلا السهر والتعب ، والعمل المقبول ما كان خالصاً لله - موافقاً لدين الله تعالى ، أي مما أذن الله به ، فإن كان العمل خالصاً ولم يكن موافقاً فهو مردود ، وإن كان موافقاً ولم يكن خالصاً فهو مردود ، فلابد من الشرطين معاً حتى يكون العمل مقبولاً .
وقال الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى : من أحدث في هذا الأمر - أي الإسلام - ما ليس منه فهو مردود عليه كان حسن النية . ثم قال رحمه الله تعالى : ومن عمل عملاً صالحاً ولو كان أصله مشروعاً ولكن عمله على غير ذلك الوجه الذي أمر به فإنه يكون مردوداً بناءً على الرواية الثانية في صحيح مسلم . وعلى هذا ... فمن صلى صلاة تطوع في وقت النهي فصلاته باطلة ، ومن صام يوم العيد فصومه باطل ... ، . انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
قلت : أما الأعمال والأقوال والعلوم مما مرجعه ومبناه على أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوامره ، فإن ذلك لا يتناول هذا الرد ، ولا يدخل في الحديث ، كالمذاهب التي عن حسن نظر الفقهاء المجتهدين الذين يردون الفروع إلى الأصول ، فمن شهد له من أدلة الشرع أو قواعده فليس برد بل مقبول .
والله الموفق
وصلى الله على سيدنا محمدٍ وعلى أله وصحبه وسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . أما بعد :
يقول الله تعالى في سورة المائدة : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) أكمل الله تعالى الدين في زمان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودين الله تعالى الذي نطلبه هو القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها وحي من عند الله تعالى ؛ فكل ما قاله أو فعله أو أقره النبي عليه الصلاة والسلام فهو دين يتبع ، وكل طريقة في الدين مخترعة لا أصل لها في كتاب الله أو سنة رسول الله فهي بدعة ضلالة ، وقد حذرنا الشرع من البدع أشد التحذير ، فإنه ما من خير إلا وقد دلنا عليه الدين وما من شر وضلال إلا وقد حذرنا منه الدين ، فالله المشرع وهو أعلم بمصالح العباد من أنفسهم ، فلا استقلال للعقول باستجلاب مصالحها أو دفع مفاسدها ، فالشرع أدرى بمصالح العباد ، ودين الله كامل لا يحتمل الزيادة ولا النقصان .
روى الإمامان البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) . وفي رواية لمسلم : (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) .
فالبدعة مردودة على صاحبها غير مقبولة ؛ قال الإمام النووي رحمه الله تعالى : قوله صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) أي : مردود ، فيه دليل أن العبادات - من الغسل والوضوء والصوم والصلاة - إذا فعلت على خلاف الشرع تكون مردودة على فاعلها ... ، وفيه دليل على أن من ابتدع في الدين بدعة لا توافق الشرع فإثمها عليه وعمله مردود وأنه يستحق الوعيد ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله )) انتهى كلامه رحمه الله تعالى . الحديث ثبت في الصححين .
وقال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى : قال أهل اللغة : الرد هنا بمعنى المردود ؛ فهو باطل غير معتد به . انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
وقال الإمام ابن السعدي رحمه الله تعالى : فإن قوله صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث في أمرنا هذا - أو من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) فيدل بالمنطوق وبالمفهوم .
أما منطوقه : فإنه يدل على أن كل بدعة أحدثت في الدين ليس لها أصل في الكتاب ولا في السنة ، سواء كانت من البدع القولية الكلامية ، كالتجهم والرفض والاعتزال وغيرها ، أو من البدع العملية كالتعبد لله بعبادات لم يشرعها الله ولا رسوله ، فإن ذلك كله مردود على أصحابه ، وأهله مذمومون بحسب بدعهم وبُعدها عن الدين ، فمن أخبر بغير ما أخبر الله به ورسوله ، أو تعبد بشيء لم يأذن الله به ورسوله ولم يشرعه : فهو مبتدع ، ومن حرّم المباحات ، أو تعبد بغير الشرعيات : فهو مبتدع .
وأما مفهوم هذا الحديث : فإن من عمل عملاً ، عليه أمر الله ورسوله - وهو التعبد لله بالعقائد الصحيحة ، والأعمال الصالحة ، من واجب ومستحب - فعمله مقبول ، وسعيه مشكور . ويستدل بهذا الحديث على أن كل عبادة فُعلت على وجه منهي عنه فإنها فاسدة ، لأنه ليس عليها أمر الشارع ، وأن النهي يقتضي الفساد ، وكل معاملة نهى الشارع عنها فإنها لاغية لا يعتد بها . انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
قلت : والدين إنما يكون بإذن الله ، قال جل وعلا : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) فالدين إنما يكون بإذن الله لا باستحسان العقول والآراء التي لا برهان عليها من القرآن أو السنة ، وصاحب البدعة ليس له من بدعته إلا التعب وإضاعة الوقت بها كالصائم الذي ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ، والقائم الذي ليس له من قيامه إلا السهر والتعب ، والعمل المقبول ما كان خالصاً لله - موافقاً لدين الله تعالى ، أي مما أذن الله به ، فإن كان العمل خالصاً ولم يكن موافقاً فهو مردود ، وإن كان موافقاً ولم يكن خالصاً فهو مردود ، فلابد من الشرطين معاً حتى يكون العمل مقبولاً .
وقال الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى : من أحدث في هذا الأمر - أي الإسلام - ما ليس منه فهو مردود عليه كان حسن النية . ثم قال رحمه الله تعالى : ومن عمل عملاً صالحاً ولو كان أصله مشروعاً ولكن عمله على غير ذلك الوجه الذي أمر به فإنه يكون مردوداً بناءً على الرواية الثانية في صحيح مسلم . وعلى هذا ... فمن صلى صلاة تطوع في وقت النهي فصلاته باطلة ، ومن صام يوم العيد فصومه باطل ... ، . انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
قلت : أما الأعمال والأقوال والعلوم مما مرجعه ومبناه على أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوامره ، فإن ذلك لا يتناول هذا الرد ، ولا يدخل في الحديث ، كالمذاهب التي عن حسن نظر الفقهاء المجتهدين الذين يردون الفروع إلى الأصول ، فمن شهد له من أدلة الشرع أو قواعده فليس برد بل مقبول .
والله الموفق
وصلى الله على سيدنا محمدٍ وعلى أله وصحبه وسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين